الأربعاء، 1 يوليو 2009

96- سورة العلق


96- سورة العلق
مقدمة السورة


بسم الله الرحمن الرحيم فى هذه السورة دعوة إلى القراءة والتعلم، وأن مَن قدر على خلق الإنسان من أصل ضعيف قادر على أن يُعلمه الكتابة، يضبط بها العلوم ويتم بها التفاهم، ويعلمه ما لم يعلم فهو سبحانه مفيض العلم على الإنسان، وتنبه السورة إلى أن الثراء والقوة قد يدفعان النفوس إلى مجاوزة حدود الله، ولكن مصير الكل إلى الله فى النهاية، وتوجه الحديث لكل من يصلح للخطاب مُنذرة الطغاة الصادين عن الخير. مُهددة لهم بأخذهم بالنواصى إلى النار، فلا تنفعهم الأنصار، وتختم السورة بدعوة الممتثلين إلى مخالفة المعاندين المكذِّبين والتقرب بالطاعة إلى رب العالمين.


**********


اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)
1- اقرأ - يا محمد - ما يوحى إليك مفتتحًا باسم ربك الذى له - وحده - القدرة على الخلق.
* ‏{‏ اقرأ ‏}‏ أوجد القراءة مبتدئاً ‏{‏ باسم ربك الذي خلق ‏}‏ الخلائق‏.‏

خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)
2- أوجد الإنسان الكامل الجسم والعلم من علق.
* ‏{‏ خلق الإنسان ‏}‏ الجنس ‏{‏ من علق ‏}‏ جمع علقة وهي القطعة اليسيرة من الدم الغليظ‏.‏

اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)
3- امض فى القراءة وربك الأكرم يقدرك ولا يخذلك.
*‏{‏ ‏اقرأ ‏}‏ تأكيد للأول ‏{‏ وربك الأكرم ‏}‏ الذي لا يوازيه كريم، حال من الضمير اقرأ‏.‏

الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)
4- الذى علَّم الإنسان الكتابة بالقلم ولم يكن يعلمها.
* ‏{‏ الذي علم ‏}‏ الخط ‏{‏ بالقلم ‏}‏ وأول من خط به إدريس عليه السلام‏.‏

عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)
5- علم الإنسان ما لم يكن يخطر بباله.
* ‏{‏ علم الإنسان ‏}‏ الجنس ‏{‏ ما لم يعلم ‏}‏ قبل تعليمه الهدى والكتابة والصناعة وغيرها‏.‏

كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6)
6- حقًا إن الإنسان ليجاوز الحدود يستكبر على ربه، من أجل أن رأى نفسه ذا غنى وثراء.
* ‏{‏ كلا ‏}‏ حقاً ‏{‏ إنَّ الإنسان ليطغى ‏}‏ ‏.‏
** ( أسباب النزول ) : قوله تعالى : ‏{‏ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ‏}‏ الاية : أخرج ابن المنذر عن أبى هريرة قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ فقيل : نعم , فقال : واللات و العزى لئن رأيته يفعل لاطان على رقبته و لاعفرن وجهه فى التراب فأنزل الله الاية .

أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7)
7- حقًا إن الإنسان ليجاوز الحدود يستكبر على ربه، من أجل أن رأى نفسه ذا غنى وثراء.
* ‏{‏ أن رآه ‏}‏ أي نفسه ‏{‏ استغنى ‏}‏ بالمال، نزل في أبي جهل، ورأى علمية واستغنى مفعول ثان وأن رآه مفعول له‏.‏

إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8)
8- إن إلى ربك - وحده - يا محمد رجوع الكل بالبعث والجزاء.
* ‏{‏ إن إلى ربك ‏}‏ يا إنسان ‏{‏ الرجعى ‏}‏ أي الرجوع تخويف له فيجازي الطاغي بما يستحقه‏.‏

أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9)
9- أأبصرت هذا الطاغى الذى ينهى عبدًا عن الصلاة إذا صلى؟!
* ‏{‏ أرأيت ‏}‏ في الثلاثة مواضع للتعجب ‏{‏ الذي ينهي ‏}‏ هو أبو جهل‏.‏
** ( أسباب النزول ) : قوله تعالى : ‏{‏ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ‏}‏ الاية : و أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كان رسول الله ( صلى الله علية و سلم ) يصلى فجاءه أبو جهل فنهاه فأنزل الله ‏{‏ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ‏}‏ الى قوله ‏{‏ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ‏}‏ .

عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)
10- أأبصرت هذا الطاغى الذى ينهى عبدًا عن الصلاة إذا صلى؟!
* ‏{ ‏عبداً ‏}‏ هو النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏ إذا صلّى ‏}‏ ‏.‏

أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11)
11- اخبرنى عن حال هذا الطاغى إن كان على الهدى فى نهيه، أو أمر بالتقوى فيما أمر.
* ‏{‏ أرأيت إن كان ‏}‏ المنهي ‏{‏ على الهدى ‏}‏ ‏.‏

أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12)
12- اخبرنى عن حال هذا الطاغى إن كان على الهدى فى نهيه، أو أمر بالتقوى فيما أمر.
*‏{‏ أو ‏}‏ للتقسيم ‏{‏ أمر بالتقوى ‏}‏ ‏.‏

أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13)
13- أخبرنى عن حال هذا الناهى إن كذَّب بما جاء به الرسول، وأعرض عن الإيمان والعمل الطيب.
*‏{‏ أرأيت إن كذب ‏}‏ أي الناهي النبي ‏{‏ وتولى ‏}‏ عن الإيمان‏.‏

أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)
14- أجهل أن الله يطلع على أحواله فيجازيه بها؟!
*‏{‏ ألم يعلم بأن الله يرى ‏}‏ ما صدر منه، أي يعلمه فيجازيه عليه، أي اعجب منه يا مخاطب من حيث نهيه عن الصلاة ومن حيث أن المنهي على الهدى آمر بالتقوى ومن حيث أن الناهي مكذب متول عن الإيمان‏.‏

كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15)
15- ردْعًا لهذا الناهى، لئن لم ينزجر عما هو عليه لنأخذن بناصيته إلى النار بشدة.
*‏{‏ كلا ‏}‏ ردع له ‏{‏ لئن ‏}‏ لام قسم ‏{‏ لم ينته ‏}‏ عما هو عليه من الكفر ‏{‏ لنسفعاً بالناصية ‏}‏ لنجرنَّ بناصيته غلى النار‏.‏

نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)
16- ناصية يعلو وجه صاحبها الكذب وآثار الخطيئة.
* ‏{‏ ناصية ‏}‏ بدل نكرة من معرفة ‏{‏ كاذبة خاطئة ‏}‏ وصفها بذلك مجاز والمراد صاحبها‏.‏

فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17)
17- فليطلب عشيرته وأهل مجلسه ليكونوا نصراء فى الدنيا أو فى الآخرة.
* ‏{‏‏ فليدع ناديه ‏}‏ أي أهل نادية وهو المجلس ينتدى يتحدث فيه القوم وكان قال للنبي صلى الله عليه وسلم لما انتهره حيث نهاه عن الصلاة‏:‏ لقد علمت ما بها رجل أكثر نادياً مني لأملأنَّ عليك هذا الوادي إن شئت خيلاً جرداً ورجالاً مرداً‏.‏
** ( أسباب النزول ) : قوله تعالى : ‏{‏ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ‏}‏ الاية : و اخرج الترمذى و غيره عن ابن عباس قال : كان النبى ( صلى الله علية و سلم ) يصلى فجاءه أبو جهل فقال : ألم انهك عن هذا ؟ فزجره النبى ( صلى الله علية و سلم ) فقال أبو جهل : أنك لتعلم ما بها ناد أكثر منى فأنزل الله ‏{‏ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ‏}‏ قال الترمذى : حسن صحيح .

سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)
18- سندعو جنودنا لينصروا محمدًا ومَن معه، وليدفعوا هذا الناهى وأعوانه إلى جهنم.
* ‏{‏ سندع الزبانية ‏}‏‏ الملائكة الغلاظ الشداد لإهلاكه كما في الحديث
‏"‏ لو دعا ناديه لأخذته الزبانية عياناً ‏"‏ ‏.‏

كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ سجدة
(19)
19- ردْعًا لهذا الناهى، لا تطعه فيما نهاك عنه، ودم على صلاتك وواظب على سجودك، وتقرَّب بذلك إلى ربك.
* ‏{‏ كلا ‏}‏ ردع له ‏{‏ لا تطعه ‏}‏ يامحمد في ترك الصلاة ‏{‏ واسجد ‏}‏ صلِّ لله ‏{‏ واقترب ‏}‏ منه بطاعته‏.‏
** ( أسباب النزول ) : قوله تعالى : ‏{‏ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ‏}‏ الاية : أخبرنا أبو منصور البغدادي أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يزيد الخوزي أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان أخبرنا أبو سعيد الأشج أخبرنا أبو خالد عبد العزيز بن هند عن ابن عباس قال‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فجاء أبو جهل فقال‏:‏ ألم أنهك عن هذا فانصرف إليه النبي صلى الله عليه وسلم فزبره فقال أبو جهل‏:‏ والله إنك لتعلم ما بها ناد أكثر مني فأنزل الله تعالى ‏{‏فَليَدعُ نادِيَهُ‏}‏‏.‏



**********

سبب نزول هذه السورة الكريمة

هذه السورة - عند جمهور العلماء - أول ما نزل من القرآن

وسبب نزولها


فيما أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم المقري قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن حامد الأصفهاني قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال‏:‏ حدثني محمد بن يحيى قال‏:‏ حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب الزهري قال‏:‏ أخبرني عروة عن عائشة أنها قالت اول ما بديء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى فجأه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال‏:‏ اقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ فقلت ما أنا بقارئ قال‏:‏ فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال‏:‏ اقرأ فقلت‏:‏ ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال‏:‏ اقرأ فقلت‏:‏ ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد فقال ‏{‏اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ‏}‏ حتى بلغ ما لم يعلم فرجع بها يرجف فؤاده حتى دخل على خديجة فقال‏:‏ زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال‏:‏ يا خديجة ما لي وأخبرها الخبر وقال‏:‏ قد خشيت علي فقالت له‏:‏ كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق رواه البخاري عن يحيى بن بكير ورواه مسلم عن محمد بن رافع كلاهما عن عبد الرزاق‏.‏

- أخبرنا الشريف إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين الطبري قال‏:‏ أخبرنا جدي أبو حامد أحمد بن الحسن الحافظ قال‏:‏ حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت‏:‏ إن أول ما نزل من القرآن ‏{‏اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ‏}‏ رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن أبي بكر الصبغي عن بشر أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقري قال‏:‏ أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الجرجاني قال‏:‏ حدثنا نصر بن محمد الحافظ قال‏:‏ أخبرنا محمد بن مخلد أن محمد بن إسحاق حدثهم قال‏:‏ حدثنا يعقوب الدورقي قال‏:‏ حدثنا أحمد بن نصر بن زياد قال‏:‏ حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال‏:‏ حدثني أبي قال‏:‏ حدثني يزيد النحوي عن عكرمة والحسن قالا‏:‏ أول ما نزل من القرآن ‏{‏بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ‏}‏ فهو أول ما نزل من القرآن بمكة وأول سورة ‏{‏اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ‏}‏‏.‏

- أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال‏:‏ حدثنا محمد بن يحيى قال‏:‏ حدثنا أبو صالح قال‏:‏ حدثني الليث قال‏:‏ حدثني عقيل عن ابن شهاب قال‏:‏ أخبرني محمد بن عباد بن جعفر المخزومي أنه سمع بعض علمائهم يقول‏:‏ كان أول ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ‏{‏اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ خَلَقَ الِإنسانَ ِمن عَلَقٍٍ اِقرَأَ وَرَبُّكَ الأَكرَمُ الَّذي عَلَمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الِإنسانَ ما لَم يَعلَم‏}‏ قالوا هذا صدرها أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حراء ثم أنزل آخرها بعد ذلك بما شاء الله‏.‏
- فأما الحديث الصحيح الذي روى أن أول ما نزل سورة المدثر فهو ما أخبرناه الأستاذ أبو إسحاق الثعالبي قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن حامد قال‏:‏ حدثنا محمد بن يعقوب قال‏:‏ حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد البينسي قال‏:‏ حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي قال‏:‏ حدثني يحيى بن أبي كثير قال‏:‏ سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن‏:‏ أي القرآن أنزل قبل قال‏:‏ يا أيها المدثر‏:‏ قلت‏:‏ أو اقرأ باسم ربك قال‏:‏ سألت جابر بن عبد الله الأنصاري‏:‏ أي القرآن أنزل قبل قال‏:‏ يا أيها المدثر قال قلت‏:‏ أو اقرأ باسم ربك .
**********

فضائل سورة العلق


فائدة ( 1 ) :
من قرأ فى يومة أو ليلته سورة ( العلق ) ثم مات فى يومه أو ليلته مات شهيدا و بعثة الله شهيدا واحياه شهيدا و كان كمن ضرب بسيفه فى سبيل الله مع رسول الله .

فائدة ( 2 ) :
اذا قرا سورة ( العلق ) من ركب البحر سلمه الله تعالى من جميع أفات البحر و كان فى جوار الله الى أن ينزل منه و من أدمن قراءتها اعطاه الله بكل حرف أجر .

فائدة ( 3 ) :
قال رسول الله : (( من قرا سورة ( العلق ) اعطى من الاجر كأنما قرأ المفصل كله )) .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق